حدثان كرويان هامان في الأسبوع الماضي.. كان لي الحظ بتحليلهما تلفزيونياً والتعايش معهما لحظة بلحظة.
فمنتخب رجالنا كان مقنعاً في افتتاحية غرب آسيا ونجح في التعادل مع منتخب الأردن المستعد والمحضّر رغم غياب »20« لاعباً عن منتخبنا الوطني..
ـ ونادي الاتحاد »الأهلي« أكد أنه عقدة الكرة الكويتية وقاهر أنديتها في عقر دارها.
ـ وفي كلا الحدثين تعملق المدربان، فتيتا جارى ماتشالا وتفوّق عليه..
والحكيم قاد فريقه »بمن حضر« وحدّ من طموحات المنتخب الأردني المستعد ومدربه عدنان حمد، وأكد أنه »قدّها وقدود« وأنه فدائي المدربين.
وسوف أكتفي اليوم بالحديث عن نادي الاتحاد، تاركاً أمور المنتخب لما بعد مباراتنا مع الكويت.
الاتحاد الكبير
؟ يقيناً.. كنت خائفاً على الاتحاد في مباراة الرد في الكويت أمام كاظمة لجملة أسباب، أهمها:
ـ أن نتيجة الذهاب بحلب وفوز الاتحاد فيها »3/2« لم يكن مطمئناً.
ـ أن فريقاً يسجل في الشوط الثاني بعشرة لاعبين هدفين بمرمى الاتحاد تماماً كما سجل الاتحاد بـ»11« لاعباً.
ـ أن لدى كاظمة نخبة من لاعبي المنتخب الوطني الكويتي، أهمهم فهد العنزي، وفرج لهيب.
ـ أن كاظمة يقوده المدرب ماتشالا.. وهو أحد أعظم مدربي المنطقة.
وغيرها من الأسباب، منها غياب الشحرور »المهم« ومحمد دعاس »المجتهد«.
بوارق الأمل
؟ لكن بوارق الأمل الأهلاوية كانت بعودة الثلاثي: عمر حميدي- محمد فارس وأحمد كلاسي، إضافة للإرادة الحمراء التي كانت كافية لهذه المحنة الكروية.
بوارق الأمل نمت أكثر وأكثر خلال المباراة.. حيث تعملق تيتا.. وحلق النسور الحمر.. ولذلك قصة سأرويها فنياً لأنها تستحق أن تكون درساً في كرة القدم.
الحكاية من البداية
؟ تشكيلة الاتحاد في البداية تألفت من: خالد حاج عثمان في المرمى، وعمر حميدي- عبد القادر دكة وأحمد كلاسي للدفاع، مجد الحمصي- يوسف الأصيل- محمد فارس- طه دياب وأحمد حاج محمد للوسط، ومحمد الحسن- الكاميروني جودي للهجوم.
ـ وتوقعنا أن تكون حركة كاظمة وخطورته قادمة من الجهة اليمنى للمنتخب الكويتي »اليسرى لمنتخبنا« حيث يتمركز فيها المتألق فهد العنزي الذي ينطلق من الخلف ليشكل مع فرج لهيب ثنائياً خطراً.. وهذا ما حدث فعلاً في بداية المباراة، حيث انطلق العنزي ولعب في مناطق الاتحاد الدفاعية وهدد مرمانا أكثر من مرة.
ـ بالمقابل حاول جودي الرد، فهاجم وحيداً في البداية ورغم ثقة هذا اللاعب بنفسه وقوته البدنية اللافتة إلا أنه بحاجة إلى »مرونة في الحركة ومهارة في التعامل مع الكرة في المناطق الضيقة«.
المبادرة الأولى
؟ كان ضرورياً إيقاف العنزي وإغلاق الجهة اليسرى لمنتخبنا أمامه.. وكان ضرورياً تعاون الخبير مجد الحمصي مع يوسف الأصيل وطه دياب لهذه الغاية.. وفعلاً نجح هذا الثلاثي في التقليل من خطورة العنزي.
ـ في الوقت الذي كانت فيه الجهة اليمنى للاتحاد متماسكة، حيث الكلاسي والفارس والحاج محمد.
ـ وتألق في الخلف الثنائي حميدي ودكة.
ضربة المعلم
؟ تيتا أراد حسم موضوع العنزي نهائياً فنقل أفضل شبابه محمد فارس من الوسط الأيمن إلى مركز الجناح الأيسر المتقدم، ليلعب في منطقة العنزي، مستفيداً من لياقته ومهارته الفردية.. فإن تقدم العنزي أفلت الفارس، وإن تأخر العنزي في العودة لمركزه خلا الطريق أمام الفارس.
ـ كاظمة شعر بالحرج والعنزي وماتشالا فهما الخطة الحمراء، خاصة بعدما أثبت لهما الفارس مقدرته وخطورته، فلعب كاظمة على مبدأ السلامة وأوقف تقدم العنزي للأمام، فارتاح الاتحاد منه حتى نهاية الشوط الأول.
ـ ومن خطأ للدفاع الكويتي ومن مكان العنزي تحديداً نجح الفارس في اختراق الدفاع الكاظمي ورفع كرة على المقاس لتامر الرشيد الذي تحرك بها بشكل صحيح لمواجهة الحارس، فحصل على ركلة جزاء صحيحة سجل منها المتخصص عمر حميدي هدف فريقه والمباراة الوحيد.
شوط المدربين
؟ انتظرنا ما سيفعله ماتشالا تجاه هذا الأداء الاتحادي المتماسك والقوي.. ففعل.. وأشرك المهاجم يوسف ناصر مهاجماً صريحاً للضغط على دفاعات الاتحاد.. ونجح يوسف وبرزت خطورته أكثر من مرة، ما أربك الاتحاد ووجد العنزي في ذلك فرصة له ليتقدم من جديد كجناح أيسر شكل خطورة مستمرة في تحركاته وعاد إلى الأضواء بعدما أوجد ماتشالا حلاً له.
ـ الرد التيتاوي كان سريعاً فأخرج تامر رشيد الذي لم يكن موفقاً وأدخل محمد الحسن لتعزيز الوسط وإيقاف مد كاظمة.
ـ فرد عليه ماتشالا بإشراك مهاجم آخر هو طلال الفضلي، فزج بذلك بكل ثقله الهجومي، وعاد نشاط كاظمة وسيطرته في مواقعنا ورأينا في بعض مراحل المباراة ثمانية لاعبين كويتيين في مواقعنا الدفاعية التي كانت متماسكة، حيث قدم الحميدي والدكة أفضل مبارياتهما ولم يرتبكا وقادا اللاعبين من أمامهم بمقدرة.
ـ تيتا رد على ماتشالا بإخراج أحمد حاج محمد وإدخال الشاب محمد غباش لإعادة الروح لخط الوسط وعاد التوازن للملعب واستعاد الهجوم الاتحادي خطورته وتألق الفارس وتحرك جودي وتقدم الغباش.
ـ في الدقيقة 40 طُرد لاعب الارتكاز الكويتي المحترف الكيني محمد جمال لتلقيه الإنذار الثاني، فاستغل تيتا ذلك وقام بتبديله الثالث فأخرج محمد فارس »الذي أدى واجبه كاملا« وأشرك الشاب رضوان قلعجي لتفعيل الوسط المتقدم، مستفيداً من الثغرة التي تركها محمد جمال بخروجه.
ـ وهكذا عاد الاتحاد متماسكاً.. حارس واثق ودفاع متناغم ووسط شاب متفاهم وجودي يسعى لإرباك الدفاع الكاظمي.
معركة المدربين
؟ رغم أن المباراة كانت قليلة الفرص وتفتقد إلى الجمالية الكروية والإثارة، إلا أنها كانت مليئة بالتكتيك العالي، حيث رأينا معركة من شكل آخر خارج الملعب بين تيتا وماتشالا، وكانا لبعضهما بالمرصاد.. فهذا يبدّل وذلك يرد عليه، وهذا يخطط وذلك يخطط بشكل معاكس له.
ـ لم أقتنع بتيتا يوماً كما اقتنعت به في تلك المباراة، لقد بدا مدرباً محنكاً قادراً على مواجهة كل حرفنة ماتشالا.. وظهر واثقاً من عمله.. وهادئاً في قيادته للاعبيه.. وأكثر حسناته كانت تبديلاته المتميزة والدقيقة 100%.
ـ تيتا قاد لاعبيه بدقة ووظف إمكانات كل منهم بالحالة القصوى، وأخذ كل ما لدى اللاعبين، واستبدل بعضهم بما يفيد الفريق بعيداً عن الأسماء والتوازنات.
ـ تيتا كان في أحسن حالاته فشكل عامل اطمئنان للاعبيه الذين لم يرتبكوا طيلة المباراة.
ـ على عكس كاظمة الذي بدا مرتبكاً أحياناً رغم أنه يلعب على أرضه، حيث فقد البرازيلي ساندرو سيلفا أعصابه أكثر من مرة وكان ضرورياً الضغط عليه أكثر.
ـ كما أن الثنائي فهد العنزي وفهد الفهد تقطعت أوصالهما وقلّت خطورتهما.
عقدة الكويت
؟ فوز الاتحاد »الأهلي« كان جديراً، ولم يكن وليد صدفة أبداً، بل وأكد أنه بعبع الفرق الكويتية وعقدتها، تألق فيه الخبراء أمثال الحميدي والدكة والحمصي.. وبرز فيه الشبان وفي مقدمتهم محمد فارس »ويذكر الجميع أنني قلت في تحليل على التلفزيون السوري لإحدى مباريات الاتحاد قبل أكثر من عام انتظروا محمد فارس، فسيكون أحد فرسان الكرة السورية«.. وهذا ما كان. وآمل له مزيداً من التطور، دون غرور لأنه لازال في بداية طريق النجومية »وحذار من الغرور يافارس«.
الجمهور الرائع
كل الجمهور السوري في الكويت على اختلاف ألوانه ارتدى اللون الأحمر.. وبعضهم أحضر أولاده الصغار معه ليشهدوا على تألق فرسان القلعة الحمراء، لقد كانت سورية كلها مع الاتحاد في الكويت، وهو قد استحق ذلك.. ونأمل له المزيد والاستمرار.
ميزة الاتحاد الآن
؟ الاتحاد الآن قادر على العودة للأضواء وإلى تاريخه الماضي المشرق.
فالكابتن محمد عفش معه في حلّه وترحاله، وفي ذلك رفع لمعنويات اللاعبين.
والكابتن مالك سعودي يمارس دوره الإداري بتميز ومقدرة، ويشكل عنصر استقرار وأمان للنسور الحمر.
ـ وتيتا بدأ يكشّر عن أنيابه كمدرب »حرّيف« قادر على قيادة لاعبيه، وهو يمتاز بالجرأة، حيث أشرك كوكبة من الشبان دون خوف فلم يخذلوه.
ـ وخبراء الاتحاد في أوج عطائهم، وخاصة الخط الدفاعي الحميدي والدكة والحمصي، حيث طاب عطاؤهم وبرزت مقدرتهم.
ـ وحيث تألق الشبان وعلينا ذكر الغائب صلاح شحرور الذي سجل هدفاً للذكرى في حلب لن تنساه الذاكرة الاتحادية بسهولة.
مبارك للاتحاد هذا النسيج الكروي الرائع والقادم والقادر.
مبارك له اعتماده على أبناء النادي من النجوم والشبان القادمين.
ومبارك له جمهوره الرائع الرائع..
مع أمنياتنا للاتحاد »الأهلي« بمتابعة المشوار.
الكرامة أيضاً
صحيح أن خروج الكرامة أحزننا..
وصحيح أيضاً أنه لا يتناسب مع تاريخه الكبير آسيوياً..
لكنها كرة القدم، والخسارة ليست آخر الدنيا..
ـ ومع هذا أقول هناك أمور كثيرة.. يجب أن تقال لمصلحة الكرامة، وقد آثرت عدم تحليل مباراة الكرامة لكي لا يتهمنا بعض »المتشنجين« بعدم محبتنا، لذا تركنا الكرامة لأهله.. فأهل مكة أعرف بشعابها..
السبت سبتمبر 03, 2016 4:12 am من طرف mahmoud
