غصت ساحات قرية براد السورية شمال مدينة حلب بالحجاج اللبنانيين الذي تجاوز عددهم الـ 10000 زائر، لحضور القداس الإلهي بمناسبة ذكرى مرور 16 قرناً على وفاة شفيع الطائفة المارونية القديس مارون.
وشارك في القداس النائب اللبناني ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر، الذي رافقه من حكومة تصريف الأعمال كل من وزير السياحة فادي عبود والطاقة جبران باسيل، وعدد من نواب تكتل التغيير والإصلاح وشخصيات سياسية لبنانية، عدد من رؤساء الطوائف المسيحية في سورية.
وحيى العماد ميشال عون خلال كلمة ألقاها بعد الانتهاء من القداس "الحجاج الذين توافدوا هذا العام أضعافاً مضاعفة من المؤمنين"، معتبراً أن "مشروعنا ليس نفعياً بل هدفه الخروج من العزلة، والعودة إلى المحيط الذي هو أصلاً محيطنا".
وشدد عون خلال كلمته على أن "الديانتين المسيحية والإسلامية يشتركان بالقيم نفسها" قائلاً "القرآن يقول يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء".
وأضاف "فيما يحاول البعض جعل الإسلام فوبيا بتفجير كنيستي بغداد والإسكندرية نحج إلى براد لنقول للعالم بأسره هذه المنطقة ستبقى محط تلاق بين مختلف الأديان".
من جهته دعا مطران الموارنة في حلب يوسف أنيس أبي عاد خلال كلمته أن "يتحقق الخير والسلام والاستقرار في المنطقة، شاكراً الله الذي أحيانا في هذه الأرض الطيبة حياة وئام ومحبة بفضل العناية الالهية وتعب المسؤولين وسهرهم وعلى رأسهم رئيس البلاد بشار الأسد".
ورأى الكاتب والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل أن "اللبنانيين الذين احتشدوا اليوم في براد جاءوا ملبين نداء الجنرال عون، ومرتاحين للرغبة التي لمسوها لدى الرئيس بشار الأسد لفتح الأرض والعودة إلى الجذور من خلال هذه الزيارة المقدسة".
واستبعد أبو فاضل زيارة رئيس الطائفة المارونية البطريرك مار نصر الله بطرس صفير لبراد قائلاً "يخطئ البطرك بحق طائفته بصورة خاصة إن كان آخذاً موقف من براد لخلفيات سياسية، لكن البطرك الجديد من المؤكد أنه سيزور ضريح القديس مارون، الذي لو لم يكن لما كانوا الموارنة".
وتوقع أبو فاضل أن "تشهد الأيام القادمة تحالف تاماً بين سورية ولبنان في كل المواضيع".
وكشف الصحفي والباحث غسان الشامي من لجنة تنظيم الزيارة أن "عدد اللبنانيين الراغبين بزيارة براد بلغت أضعاف الموجودين حالياً، لكن صغر المساحة أجبرنا على استقبال 10000 حاج فقط، وهذا العدد سيشهد زيادة في الأعوام القادمة".
وأعتبر الشامي أن "هذه الزيارة بمعانيها تثبت أن الناس في هذا المشرق مرتبطون بجذورهم، وكل محاولات تغريبهم لن تنجح".
ورأى الشامي أن "منح رئيس دولة بحجم سورية قطعة أرض لطائفة بغية بناء كنيسة خطوة لها دلالات كبرى، والقيادة السورية ومحافظة حلب قدموا كل ما يلزم لهذه الزيارة المقدسة".
وكانت الزيارة قد استهلت بإزاحة الستار عن لوحة تفيد قيام الدولة السورية بتقديم أرض بمساحة 25 ألف م2 للكنسية المارونية، حيث قام محافظ حلب علي منصورة بتسليمها لمطران الموارنة في حلب يوسف أنيس أبي عاد بحضور العماد ميشال عون، ومن المتوقع أن يتم وضع حجر الأساس لتشييد الكنيسة في شهر آذار القادم.
وشرح رجل الأعمال السوري هاني عزوز أنه "عملنا منذ عدة سنوات في سورية من خلال البحث في المراجع التاريخية والأثرية، معتمدين على المعلومة التاريخية التي تؤكد انطلاق مار مارون من سورية، فتم تحديد مدفنه بصورة دقيقة".
وأعتبر عزوز أن "براد معلم مهم، فهو محج للطائفة المارونية أولاً، ولكل الطوائف المسيحية، وبالنتيجة لكل المؤمنين، وهذا الموضوع يحظى بمتابعة شخصية من قبل السيد الرئيس".
وشهدت براد تدفق أكثر من 200 حافلة قادمة من كافة المناطق اللبنانية، إضافة إلى عدد من السيارات الخاصة، "مقلة رجالاً ونساءً وأطفالاً من مختلف الطوائف اللبنانية"، حسب ما أكده وديع، أحد المشاركين اللبنانيين والقادم من منطقة بعبدا الذي أشاد "بالتسهيلات التي قدمت للموكب بدءاً من الحدود، التي قطعناها دون توقف، وعلى طول الطريق وصولاً إلى براد، حيث لمسنا بساطة أهالي هذه القرية وجمالها، وروعة التاريخ فيها".
وتمنى وديع العامل في بلدية بيروت على الجهات المعنية "الاهتمام أكثر بالبنى التحتية للقرية، التي يحتمل أن تكون مقصداً دينياً وسياحياً كبيراً"، مؤكداً "قدومه في العام القادم برفقة عائلته".
جمال طبيعة براد، حاجتها للتخديم بشكل أكبر كانت حاضرة أيضاً لدى الياس سركيس، القادم من مدينة زحلة الذي طالب "بالفصل بين الأوابد الأثرية الموجودة في القرية، وبيوت سكانها المتداخلين".
أما مروان عتيقي الذي قدم خصيصاً من روسيا بصحبة زوجته لزيارة ضريح مار مارون فتمنى "استمرار العلاقات الجيدة بين الشعبين السوري واللبناني"، شاكراً "السوريين على الاستقبال المميز"، مطالباً في الوقت عينه "برفع الحدود بين لبنان وسورية الشقيقتين، وأن يحذو زعماء لبنان السياسيين بحذو الجنرال".
وتمنت كاتيا القادمة من قضاء زغرتا شمال لبنان "لزيارة ضريح شفيع كنيستنا ومؤسسها القديس مارون، تكرار الزيارة سنوياً لما لها من مدلولات روحية، إضافة لطبيعة المنطقة الجميلة".
وأضافت "كنت أود مشاركة زعيمنا النائب سليمان فرنجية، لكن ظروف طارئة حالت دون ذلك، وإن شاء الله سنكون معه في براد العام القادم".
وكانت حلب قد شهدت بدءاً من 8 شباط العام الماضي انطلاق الاحتفالية الخاصة بالذكرى الـ 1600 لوفاة القديس مارون بعنوان "مار مارون...من كورة حلب إلى الكون" بمشاركة سياسيين لبنانيين رفيعي المستوى كان على رأسهم الرئيس اللبناني السابق إميل لحود،ودبلوماسيين عرب و أجانب وعدد كبير من رجال الدين.
جبرائيل سعود - سركيس قصارجيان - سيريانيوز - حلب
السبت سبتمبر 03, 2016 4:12 am من طرف mahmoud
