تلعب نظم الفضاء العسكرية دورا متزايد الأهمية فى حماية الأمن القومى . فقد ساهمت تلك النظم بشكل مؤثر - وخصوصا تلك الكوكبة من أقمار الاستطلاع والمراقبة والطقس والاتصالات والملاحة - فيما حققته الولايات المتحدة من نجاح أثناء الحرب الباردة، وما تلا ذلك من عمليات عسكرية حول العالم لاستعادة السلام وحمايته . ففى خلال أربعة عقود ، تطور استعمالنا لتلك الأقمار الصناعية ، من مجرد التركيز على دورها فى مساندة عملية اتخاذ القرار ودعم العمليات الاستراتيجية النووية ، إلى محاولة تحقيق تكامل أشمل مع هيكل القوة العسكرية ، واستخدام أوسع بواسطة العسكريين . وبالإضافة إلى تلك النظم الفضائية العسكرية ، فإننا نعتمد أيضا بصورة متزايدة على نظم مثيلة مخصصة للأغراض التجارية . وبالنسبة لكل الأمريكيين - ماعدا قليلا منهم - فإن البرنامج الفضائى الموجه لخدمة الأمن القومى والمكون من قسمين ، مازال غير معروف لهم إلا بصورة جزئية . فالقسم العلنى من هذا البرنامج يخص الجانب العسكرى للفضاء ، أما القسم الخفى فهو البرنامج الفضائى المخصص لخدمة قطاع المخابرات .
البرنامج الخفى
يمكننا الحديث الآن عن النظم الفضائية للمخابرات بأكثر مما كان ذلك ممكنا فى السنين الماضية ، حينما كانت تلك القدرات فى الخفاء تماماً وغير معترف بوجودها . تلك النظم تدار حاليا بواسطة مكتب الاستطلاع القومى التابع للمخابرات والذى كان سرا حتى سنة 1992 ، ومهمته الأساسية جمع المعلومات عن الخصوم المحتملين بواسطة الاستشعار عن بعد . لقد شهدت العقود الأربعة الماضية بصورة مستمرة أنواعا متعددة من اقمار الاستطلاع التى تدور فى مدارات مختلفة لمسح وجه الأرض ، من أجل الحصول على صور فوتوجرافية والتقاط إشارات الرادار والاتصالات ، ثم تحويل ما يتم جمعه من معلومات إلى الأرض ، حيث يجرى تحليلها ومقارنتها بالبيانات المماثلة الآتية من مصادر أخرى . بهذا الأسلوب ، يتم توفير معلومات فى حينها وضرورية لخدمة أغراض الدفاع والاقتصاد والسياسة الخارجية ، بالإضافة إلى دعم العمليات العسكرية والأنشطة الدبلوماسية وإدارة الأزمات ، والتحقق من تنفيذ معاهدات التحكم فى التسلح . وفى السنوات الأخيرة ، تحسنت بشكل ملموس العلاقات بين مكتب الاستطلاع القومى والعسكريين، وذلك بفضل الشراكة الناجحة التى تحققت ، والجهود المستمرة لدمج القسم العسكرى من البرنامج الفضائى مع القسم الخاص بالاستخبار والمعلومات لصالح أداء أفضل للعملية العسكرية . ومن المنتظر أن يستمر هذا التنسيق ويتطور خلال العقد القادم .
البرنامج العلنى : وسائل الاطلاق
يقوم برنامج الفضاء العسكرى بأربع مهام أساسية يتركز فى اثنين منهما معظم الأنشطة : المساندة الفضائية، وزيادة قدرات القوة العسكرية . قليل من الجهد موجه حاليا للمهمة الثالثة ومجالها السيطرة الفضائية ، أما المهمة الرابعة فيجرى فى إطارها بحوث أولية لنشر واستخدام القوة العسكرية فى الفضاء . وتشتمل أنشطة المساندة الفضائية على أعمال نقل النظم الفضائية من الأرض إلى الفضاء وإمدادها بالدعم اللازم للبقاء هناك . وتتضمن تلك الأنشطة إطلاق الأقمار الصناعية ووضعها فى مدارها المحدد ، والتحكم فيها ، وتولى عمليات إخراجها من مدارها واستعادتها إلى الأرض إذا لزم الأمر . وتعتبر قاعدة كيب كانافرال الجوية فى فلوريدا وقاعدة فاندنبرج فى كاليفورنيا قاعدتا الإطلاق الأساسيتان للصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية فى الولايات المتحدة . وتستعمل وزارة الدفاع صواريخ الإطلاق توروس ودلتا وأطلس وتيتان ومكوك الفضاء لإطلاق الأقمار الصناعية من الأرض ، والصاروخ بيجاسوس لإطلاقها من الطائرة ، بالإضافة إلى محركات سنتور وإنرشيال للوصول بها إلى مدارها النهائى حول الأرض. وتعتبر الوسائل الموصلة للفضاء إحدى القدرات الأساسية لوزارة الدفاع ، ومن سوء الحظ أن معظم صواريخ الإطلاق الحالية لا تختلف كثيرا عن الصواريخ الباليستية التى يعود تاريخها إلى الخمسينيات والستينيات ، والتى تتزايد تكلفة استخدامها مع مرور الزمن . وتمشيا مع رغبة الولايات المتحدة فى المحافظة على قدراتها الحالية للوصول إلى الفضاء ، وتحسين تلك الوسائل كلما كان ذلك ممكنا ، فإنها تقوم بتطوير قدرات جديدة فى هذا المجال من أجل المستقبل. وفى هذا الإطار، يأتى فى المقدمة برنامج ، صواريخ الإطلاق المطورة ويمثل عائلة من صواريخ الإطلاق يتوقع لها أن تقلل من تكلفة إطلاق الأقمار الصناعية بنسبة الربع. وتضم هذه الحزمة نظاماً متوسط الحمولة يمكن أن يبدأ استخدامه فى أوائل عام 2001 ، ونظاماً آخر ثقيل الحمولة سوف يستخدم بدوره سنة 2005 تقريباً . وكلا النظامين سوف يخرج من عباءة نظام محورى تتولد منه باقى النظم ، ويعكس فى الأساس تصميماً عالى الأداء منخفض التكلفة . التطور الآخر ، ويتصل أيضا بتحسين اقتصاديات إطلاق النظم الفضائية عن طريق زيادة استعمال مركبات الإطلاق التجارية لحمل نظم فضائية مخصصة لمهام الأمن القومى .
وفى الحقيقة ، فإن أحد البدائل المطروحة لبرنامج صواريخ الإطلاق المطورة أن يتم بناؤها وتشغيلها بواسطة القطاع التجارى للأغراض المختلفة العسكرية والمدنية والتجارية ، ومن قواعد إطلاق يتم إنشاؤها وإدارتها بواسطة القطاع التجارى . مثل هذا الاتجاه يمكن أن يقوى القاعدة الصناعية للولايات المتحدة ويزيد من قدرتها على المنافسة فى سوق إطلاق النظم الفضائية الآخذ فى النمو والاتساع .
البرنامج العلنى : الأقمار الصناعية
تعتبر شبكة التحكم فى الأقمار الصناعية التابعة للقوات الجوية الشبكة الرئيسية للقيادة والسيطرة والاتصال لمعظم النظم الفضائية التابعة لوزارة الدفاع ، بالإضافة إلى مركز عمليات الأقمار الصناعية التابع للبحرية . وفى إطار مهمة البرنامج الفضائى العسكرى لتعزيز وزيادة قدرات القوة المسلحة ، تقوم الأنظمة الفضائية بمساندة العمليات العسكرية التى تجرى على الأرض والبحر وفى الجو ،كما تقوم بتقديم العون لعمليات أخرى متصلة بالأمن القومى والأنشطة التجارية والاقتصادية . إن المركبة الفضائية تستطيع من مدارات مختلفة مراقبة الأنشطة الأرضية بشكل مستمر أو بصورة دورية ، وفى خلال ذلك تقوم بنقل معلومات الصوت والصورة فى صورتها الرقمية من بقعة على الأرض إلى بقعة أخرى بواسطة أقمار الاتصالات
السبت سبتمبر 03, 2016 4:12 am من طرف mahmoud
