هنيئـًا له .. هنيئـًا له .. ثم هنيئـًا لمن اتصـف بهــذه الصفـة !!
قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة " أي درجة الصيام النافلة وصدقة نافلة والصلاة النافلة " ، فقال أبو الدرداء : قلنا بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين ) ..
إن الإصلاح بين الناس عبادة عظيمة .. يحبها الله سبحانه وتعالى ..
فالمصلـح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله ويبذل جاهه ليصلح بين المتخاصمين .. قلبه من أحسن الناس قلوباً .. نفسه تحب الخير .. تشتاق إليه .. يبذل ماله .. وقته .. ويقع في حرج مع هـذا ومع الآخر .. ويحمل هموم إخوانه ليصلح بينهما ..
كم بيت كاد أن يتهدّم .. بسبب خلاف سهل بين الزوج وزوجه .. وكاد الطلاق .. فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة .. ونصيحة غالية .. ومال مبذول .. يعيد المياه إلى مجاريها .. ويصلح بينهما ..
كم من قطيعة كادت أن تكون بين أخوين .. أو صديقين .. أو قريبين .. بسبب زلة أو هفوة .. وإذا بهذا المصلح يرقّع خرق الفتنة ويصلح بينهما ..
كم عصم الله بالمصلحين من دماء وأموال .. وفتن شيطانية .. كادت أن تشتعل لولا فضل الله ثم المصلحين ..
فهنيئـاً عبـاد الله لمـن وفقـه الله للإصلاح بين متخاصمين أو زوجين أو جارين أو صديقين أو شريكين أو طائفتين .. هنيئاً له .. هنيئاً له .. ثم هنيئاً له ..
قال نبيكم صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة " أي درجة الصيام النافلة وصدقة نافلة والصلاة النافلة " ، فقال أبو الدرداء : قلنا بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين )
تأمل لهذا الحديث عبد الله " إصلاح ذات البين وفساد ذات البيـن هي الحارقة " ..
أحبتي في الله ..
إن ديننا دين عظيم .. يتشوّف إلى الصلح .. ويسعى له .. وينادي إليه .. ويحبّب لعباده درجته .. فأخبر سبحانه أن الصلح خير قال تعالى " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير "
قال أنس رضي الله عنه ( من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة ) .. وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة من إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار ..
عباد الله ..
أجاز الإسلام أيضاً الكذب للإصلاح بين أهل الخصومة فقـال عليه الصلاة والسلام " ليس الكـذّّاب الذي يصلح بين الناس ويقول وينمي خيراً " .. قال ابن بابويه " إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد " فتنبهوا لذلك ..
عباد الله ..
إن الخلاف أمر طبيعي .. ولا يسلم منه أحد من البشر .. خيرة البشر حصل بينهم الخلاف فكيف بغيرهم !!
فقد يكون بينك وبين أخيك .. أو ابن عمك أو أحد أقاربك .. أو زوجك .. أو صديقك شي من الخلاف فهذا أمر طبيعي فلا تنزعج له .. قال تعالى " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك "
هـاهم أهل قباء .. صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الذين أنزل الله فيهم قوله " فيهم رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين " .. هؤلاء القوم حصل بينهم خلاف .. حتى رمز بعضهم بعضاً بالحجارة .. فذهب إليهم النبي ليصلح بينهم !!
وهذا أبـو بكر وعمر حصل بينهما شي من الخلاف .. فليس العيب الخلاف أو الخطأ .. ولكن العيب هو الاستمرار والاستسلام للأخطاء !!
فعلينا عباد الله أن نتحرّر من ذلك بالصلح والمصافحة والمصالحة .. والتنازل والمحبة .. والأخوة حتى تعود المياه إلى مجاريها ..
قال نبيك صلى الله عليه وسلم .. وتأمل لهذا الحديث " تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء .. فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا .. انظروا هذين حتى يصطلحا .. انظروا هذين حتى يصطلحا "
فاتق الله عبد الله .. واصطلح مع أخيك .. وارجع إليه حتى تعود المياه إلى مجاريها ..
عباد الله ..
البدار .. البدر .. سارع إلى أن تصلح مع إخوانك وأقاربك .. البعض هداهم الله قد يؤخر .. فإذا توفى الله أحد إخوانه أو أحد أقاربه .. وقف عند قبره يبكي ويندم .. وهذا البكاء لا ينفع عباد الله !!
رأيت مرة رجلاً يبكي عند قبر .. فسألت عنه قال : هذا قبر أخي .. فقلت أدعُ الله له ..
فقال : فلما كان أخي حياً كنت في قطيعة معه في مدة تزيد على 10 سنوات .. لا أزوره ولا أسلم عليه أيام العيد لا أحضر لأمازحه .. وبعد الموت يأتي ويبكي على قبره .. وماذا ينفع البكـاء !!
أحبتي في الله ..
قد يقول قائل : أريد أن أذهب إلى فلان لأصلح معه لكن أخشى أن يردني أولا يستقبلني أو لا يعرف قدر مجيئي إليه !
نبيك صلى الله عليه وسلم يقول لك اذهب إليه ولو طردك .. ولو تكلم عليك .. اذهب إليه المرة الأولى .. والثانية .. والثالثة .. وسارع إليه بالهدية .. ابتسم في وجهه .. تلطّف معه ..
يقول نبيك ( وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ) .. فأنت إذا عفوت زادك لله عزا .. وإذا أصلحت زادك الله عزا .. وإن طردك ولم يفتح لك الباب رجعت فإن هذه أمنية يتمناها سلف الأمة !! .. إنها دليل على طهارة القلب وزكاته .. قال تعالى " وإن قيل لكم ارجعوا فرجعوا هو أزكى لكم " .. فتنبّـه لذلك عبد الله ..
عبد الله ..
إن البعض قد يهتم بالإصلاح .. ويريد أن يصلح .. لكن يبقى عليه قضية من حوله من المؤثرات .. من بعض أقاربه .. أو بعض أصدقائه .. أو بعض أهل السوء .. الذين يسعون ويمشون بالنميمة ..
فإذا أردت أن تصلح .. قالوا أأنت مجنون ؟ أصابك الخور ؟ ..
فانتــبه من ذلك النمام .. الذي إذا أردت أن تصلح .. اجتهد هو أن يبعدك عن إخوانك !! .. قال تعالى " ولا تطع كل حلاف مهين ، هماز مشاء بنميم ، مناع للخير معتد أثيم ، عتل بعد ذلك زنيم "
فهو يمشي بالنميمة لا خير فيه .. ولا أصل له .. ولا أرض يركن إليها .. إنما هو شر في شر يقوم بعمل الشيطان " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء " ..
فتأمل لذلك عبد الله .. انتبه من هؤلاء .. ولا تلتفت إليه .. وانظر إليه نظرة احتقار وسخرية وقل أنت لا خير فيك أريد الصلح وأنت تريد الشر ماذا تريد ؟ ثم بعد ذلك اطرده من مجلسك ولا يكن له حظ معك ..
عبد الله .. جرّب الصلح هذا اليوم .. اتصل .. على ما بينك وبينه خصومة .. وتلطّف معه .. لعل هذا الاتصال أن يكون سبباً بعد رحمة الله لمغفرة ذنوبك .. " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " ..
اذهب إليه .. إن أناس ذهبوا لكي يجلسوا مع أولئك الخصوم لمدة ربع ساعة أو نصف ساعة .. فصار مجلسهم مجلس خير !! .. فجلسوا معهم الساعات الطوال .. حتى أن بعضهم يقول : والله كنت أتمنى أن أنام معه تلك الليلة من شــدة الفرح والأنس والألفة والمحبة ..يقول من سنوات لم أكلمه .. ثم بعد ذلك رجع إليه ..