كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب وضع معايير جديدة للقبول الجامعي ، لاتعتمد فقط على علامة أو درجة البكالوريا أوالشهادة الثانوية ،وإنما سوف يتم اعتبار عوامل أخرى سنذكرها لاحقاً ، والأكثر من ذلك هناك كلام يقال في الكواليس عن أن القرار قد اتخذ فعلاً ! لتحجيم دور شهادة البكالوريا في القبول الجامعي ، والاتجاه لاعتماد معايير مختلفة.، فهل انتهى العصر الذهبي لشهادة البكالوريا الثانوية السورية ؟ التي كانت ولسنوات طويلة المعيار الأوحد والأصدق والأفضل لقياس كفاءة الطلاب الذين سوف يلتحقون بركب التعليم الجامعي!
من منا لم تشكل له شهادة الثانوية أو البكالوريا -التسمية الشائعة- هاجساً كبيراً ومصدراً مهماً للقلق خاصة بالنسبة للطالب الذي سوف يمتحن بها أوحتى بالنسبة للأهل الذين يفكرون في مستقبل أبنائهم ويسهرون على راحتهم للحصول فقط على أكبر مجموع في امتحاناتها ، وذلك لأنها السبيل الأوحد لدخول تخصصات محترمة في الجامعة ،وذلك للغالبية العظمى من الطلاب السوريين، وتبقى نسبة قليلة من الأسر الميسورة التي يمكنها وضعها المادي من تخطي عقدة البكالوريا والحصول على تعليم جامعي بأي تخصص يريدونه لأبنائهم ، فمعظم جامعات العالم مشرعة أبوابها عالياً لأمثال هؤلاء ، هذا عدا عن الجامعات الخاصة محلياً وإقليمياً التي حلت مشكلة الكثيرين ،وماكان في السابق بعيد المنال أصبح اليوم في متناول اليد و«الرجل» أيضاً.
انطلاقاً من ذلك حافظت شهادة البكالوريا على ألقها ومكانتها واحترامها أيضاً لسنوات طويلة ، وبقيت هي المعيار الوحيد والأصدق والأفضل برأينا للدخول إلى الجامعة على الرغم من بعض الأشياء والعوامل السلبية ... التي تكون قد ظهرت، في بعض الأوقات هنا أوهناك التي يمكن أن يكون لها أثر سلبي على هذه الشهادة.. ولكن ، مع ذلك يبقى هذا المعيار ضمن الظروف الحالية للتعليم ماقبل الجامعي، هوالأسلوب الأفضل للحكم على كفاءة الطلاب، وهوالأسلوب الذي يوفر فرصاًَ متساوية نسبياً بين جميع الطلاب.
إن مايتم التداول به في الكواليس، وإن كان بعض منها قد تسرب منذ سنوات عدة للإعلام، وللعلم فلقد تلقت كليات الجامعة طلبات بهذا الخصوص لاقتراح معايير جديدة للقبول الجامعي ولكن كثيرين يقولون ، إن هناك أشياء قد أقرت فعلاً !.. وفحوى هذه المعايير سوف يأتي على ماتبقى من هيبة البكالوريا السورية، يقال والعهدة على الراوي أن معيار الدخول للجامعة سوف يتكون من جزأين وربما أكثر .
- الجزء الأول علامة الثانوية ويخصص له 50٪
- الجزء الثاني مقابلة أو امتحانات شفهية وكتابية ويخصص له 50٪
وهناك من يقول إن المعيار سوف يتكون من ثلاثة أجزاء كمايلي:
50٪ لعلامة الثانوية و30٪ لامتحان القبول و20٪ لتقييم الطالب خلال المرحلة الثانوية فأي عدالة هذه ؟ لاشك بأن هذا الأسلوب سوف يضيف أعباء جديدة على الطلاب العاديين وذويهم وهذا الأسلوب ينطوي على قدر كبير من الخطورة والسلبية للأسباب الآتية:
1- إن أسلوب المقابلات لدينالايتم بشفافية كافية ، ودلت التجارب أنه من الممكن جداً خرقه في مواقع كثيرة وهنا من السهولة بمكان معرفة من الذي سوف يلتحق بالجامعة ! فالجامعة ليست جزيرة منعزلة عن هذا المجتمع الذي تنخره أمراض فتاكة كثيرة ....
2- صعوبة السيطرة في المقابلات على الأعداد الكبيرة من الطلاب في التخصص الواحد.
3- سوف يضعف هذا الأسلوب ثقة المجتمع بالتعليم ماقبل الجامعي وخاصة في نفوس الطلاب وذويهم.
4- من شأن ذلك أيضاً إضعاف الثقة الخارجية بالشهادة الثانوية السورية كما حدث لبعض دول المنطقة كالشهادات الصادرة عن بعض الدول الخليجية في حين أنه مازالت سمعة هذه الشهادة جيدة جداً .
5- لايمكننا الوثوق كفاية بنظام التعليم وجودته من حيث النتائج والتقييم للطلاب في مرحلة الصف العاشر والحادي عشر باعتبار أن الطلاب لايخضعون هنا لنظام امتحاني تقويمي واحد وبالتالي اعتبار هذا المعيار جزئياً في القبول الجامعي خطيرا وكارثيا وغير عادل على الإطلاق ، لاسيما ونحن نعلم أن من سيحصل على التقييم الجيد والكامل هنا هم أبناء المدرسين والمتنفذين في منطقة المدرسة وماأكثرهم.
6- ارتفاع تكلفة هذا الأسلوب خاصة وأن الأعداد لدينا كبيرة والواقع يشهد على مدى الإرباك في الجامعات في الوقت الذي يتم فيه إجراء هذه المقابلات لبضع كليات فقط!.
7- إن مجتمعنا يعاني من تشويه كبير في ممارساته ومفاهيمه ومعتقداته أيضاً لذا فإن معظم الطلاب سوف يتجهون إلى الكليات الطبية والهندسة التي لها سمعة «برستيج» اجتماعي واقتصادي كبيرين بالمقارنة مع بقية التخصصات الأخرى .
8- ينطوي هذا الأسلوب على اعتراف ضمني من قبل القائمين على التعليم بتدني جودة التعليم ماقبل الجامعي .
من هنا نقول إن هذا الأسلوب لايناسبنا على الأقل في الوقت الحالي ثم ماذا نسأل الطالب المتقدم إلى كلية الطب مثلاً ؟ هل نطلب منه الاطلاع على بعض الكتب الطبية مسبقاً ليتمكن من اجتياز امتحان القبول هذا ؟