BLACK HOLES
يعتقد العلماء أن بعض المناطق في الفضاء يسلط جاذبية قوية جدا بحيث يعمل كمكانس كهربائية عملاقة تسحب أي مادة تقترب منها وتسحق المادة –سواء كانت مذنبا أو كوكب أو سحابة من الغاز- إلى كثافة لا متناهية وتختفي إلى الأبد.
وتكون قوة الجاذبية قوية جدا حتى أنها تسحب الزمن والحيز،فتبطئ الزمن وتمدد الحيز. ولا يمكن حتى للضوء الإفلات من قوة الجذب الهائلة التي تسلطها هذه المناطق، فتكون بالتالي سوداء وغير مرئية.وقد أطلق الفيزيائي الأميركي جون ويلر اسم الثقوب السوداء على هذه الفراغات أو الفجوات الداكنة الملتهمة للمادة.
تبدو الثقوب السوداء أقرب إلى الخيال العلمي منها إلى الواقع. والحقيقة هي أن فكرة الثقب الأسود ولدت في خيال الفيزيائيين النظريين ولم تثبت صحتها إلى الآن باكتشاف حاسم لثقب أسود فعلي . ولكن منذ سنة 1915 ،عندما وضع ألبرت أينشتاين نظريته حول النسبية ، عرف العلماء بإمكانية وجود الثقوب السوداء
أثبتت نظرية أينشتاين أنه في حال أصبحت الجاذبية قوية بشكل كافي فإنها تجرد الضوء من كل طاقته وتحتجزه مثلما تحتجز جو الكوكب ولكن ،لكي تكون الجاذبية بهذه القوة يجب أن يكون مصدرها شديد الكثافة ، أي أن يكون ذو كتلة كبيرة جدا مضغوطة في حيز صغير جدا . في سنة 1916 ،حسب الفلكي الألماني كارل شفارشيلد درجة الانضغاط التي يجب أن يبلغها النجم لكي تحتجز جاذبيته الضوء .و وفقا لحسابات شفارشيلد ، يجب أن ينكمش نجم الشمس (بقطر 1،392،000كيلومتر )بحيث يصبح قطره أقل من 3 كيلومتر حتى يتمكن من احتجاز الضوء
في سنة 1939، اكتشف الفلكيان الأميركيان جون.روبرت أوينهايمر وهارتلاندس.سنايدر أنه يمكن لنجوم أكبر من الشمس بكثير أن تصبح بمثل هذا الحجم الصغير .وتبقى النجوم طوال القسم الأكبر من حياتها في حجم ثابت لأنها تشهد توازنا في القوى: تقوم الحرارة التي يولدها احتراق الوقود بتمديد النجم باتجاه الخارج ،فيما تجذبه باتجاه المركز .وفي مآل الأمر ، وبعد مرور بلايين السنين ، يستنفذ النجم وقوده النووي ، وينهار تحت وزنه الخاص.وقد أثبت أوينهايمر وسنايدر أنه عندما تكون كتلة النجم أكبر من 3.2 أضعاف كتلة الشمس، لا شيء يمكنه إيقاف الانهيار .
ويقول العلماء إن المجرة التي توجد فيها الأرض – مجرة درب التبانة – تشتمل ربما على 100 مليون ثقب أسود من مخلفات النجوم المتداعية . وفي سنة 1990 ، حصل التلسكوب اللاسلكي المعروف بالمجموعة الكبيرة جدا في ولاية نيو مكسيكو الأميركية على صورة مفصلة لمركز درب التبانة تظهر انفجارات هائلة من الطاقة . ويعتقد العلماء أن هذا يؤكد وجود ثقب أسود في مركز درب اللبانة ، له كتلة تفوق كتلة الشمس بأربعة ملايين ضعف . ووجد العلماء الذين استعملوا تلسكوب هابل الفضائي في سنة 1992 ، علامات مشجعة على وجود ثقب أسود ، له كتلة تفوق كتلة الشمس بثلاثة ملايين ضعف ، في مجرة قريبة .
ونظرا إلى أن الثقوب السوداء هي أجرام غير مرئية ، فإن الفلكيين يحاولون تعيين مواقعها بمراقبة تأثيراتها . فالمادة التي تتحرك ملتفة كالدوامة باتجاه مركز الثقب الأسود لا بد أن تطلق أشعة سينية سريعة التذبذب وقابلة للكشف وفي سنة 1965 ، شاهد عدد من الفلكيين انبعاثات قوية من الأشعة السينية تنطلق من كوكبة الدجاجة ، على مسافة 10.000 سنة ضوئية تقريبا . وفي سنة 1971 ، حدد أول قمر صناعي في العالم لكشف الأشعة السينية مصدر هذه الأشعة السينية ، وهو جسم غير مرئي ذو كتلة كبيرة جدا أطلق عليه الفلكيون اسم الدجاجة Cygnus X-1. وقد يكون هذا الجرم أول ثقب أسود تم التعرف إليه