[/size][/b]
مكانة المرأة المسلمة في الإسلام
أيتها المسلمة ، البنت والأخت والأم …
هل تذكرين محنا عانت منها المرأة في ظل النظم الجاهلية منذ كانت البشرية ؟
هل تذكرين الموؤودة … ؟
وتواري الرجل عن الأنظار كلما بشر بمولودة .
- ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ(58)
يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )
النحل58 .
وإذا بنور الإسلام يـبدد ظلمات الجاهلية، وحرية الإسلام تمحق العبودية ، وعدالة الإسلام تمحو الظلم وتقهر الظالمين،
وإذا بالتشريع السماوي يـنـزل معيدا للمرأة كرامتها وحريتها واعتبارها وإنسانيتها.
وإذا بالرسول الكريم – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ينادي بطون مكة بطنا بطنا، وينادي المرأة على قدم المساواة مع الرجل حيث قال :
( يا صفية بنت عبد المطلب ، يا فاطمة بنت محمد)
وإذا بالمرأة العربية تقبل مستبشرة بالإيمان، ملبية نداء السماء، نداء الحرية والأخوة والحق .
وإذا بك أيتها الأخت المسلمة تحتضنين خاتمة الرسالات وخاتم الأنبياء،
في شخص أمك خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها – ،
إذ كانت أول مستجيب ومؤمن ومشجع ومنفق على دعوة الله.
قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – لخديجة، وقد رأى ما رأى في غار حراء:
( لقد خشيت على نفسي ).
قالت خديجة ( كلا أبشر، والله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث
وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.)
(أخرجه البخاري ومسلم)
يقول ابن إسحاق :
إن خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدق بما جاء به، فخفف الله بذلك عليه، فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه فيرجع إليها إلا وتـثـبـتـه وتهون عليه أمر الناس .
ثم تتابعت النساء بعدها :
أسماء بنت أبي بكر – فاطمة بنت الخطاب – أسماء بنت مخرمة التميمية – فاطمة بنت المجلجل –
فكيهة بنت يسار – ورملة بنت أبي عوف – أمينة بنت خلف، وكلهن أسلمن قبل عمر بن الخطاب الذي بإسلامه تم عدد المسلمين أربعين .
وما كادت المرأة المسلمة تخرج من مرحلة الدعوة السرية في دار الأرقم، حتى تألبت عليها قوى الشر والكفر والطغيان،
تحاول فتنتها عن دينها بالإغراء تارة وبالتعذيب والتنكيل تارة أخرى، فما زادها الابتلاء إلا ثباتا وإيمانا ،
لم ترتد مسلمة بعد إيمان قط، ولا ارتابت بعد يقين، ولا قالت كلمة كفر تقية، ولا أضمرت نفاقا أوشكا ؛
فكان أول شهيد في الإسلام من النساء، كما كان أول مؤمن برسالة السماء من النساء .
وكانت رائدة للشهداء في هذا المضمار سمية بنت خباط أم عمار، عذبها آل بني المغيرة،
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يمر بها وبولدها عمار وزوجها ياسر وهم يعذبون في رمضاء مكة، فيقول :
صبرا آل ياسر موعدكم الجنة !!
أمروها بالكفر فأبت إلا الإسلام، وصمدت للتعذيب برغم كبر سنها وضعف جسدها،
وأغلظت لأبي جهل في القول فأخذ يضربها وطعنها بحربة فقتلها .
ولما قتل أبو جهل يوم بدر
قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم – لابنها عمار :
قتل الله قاتل أمك .
وتبلغ المرأة في الإسلام مرتبة للتكريم لم يبلغها رجل من المسلمين ؛
إذ يسمع الله لها من فوق سبع سماوات وهي تشكو زوجها،
فينـزل إنصافها من زوجها قرآنا غضا طريا، ويقدر الصحابة هذا التكريم الإلهي لها حق قدره ،
فيلقاها عمر بن الخطاب ويسلم عليها وتقول :
(هيهات يا عمر عهدتك وأنت تسمى عميرا في سوق عكاظ تروع الصبيان بعصاك ،
فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر،ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين ،
فاتق الله في الرعية واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن خاف الموت خشي الفوت) ،
فقال الجارود :
( قد أكثرت على أمير المؤمنين أيتها المرأة)،
فقال عمر :
(دعها ، أما تعرفها ؟ هذه خولة بنت مالك زوجة أوس بن الصامت ، التي سمع الله قولها من سبع سماوات ،
فعمر أحق والله أن يسمع لها ، اقرأ قوله تعالى :
" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما "
فقد نزلت فيها ).
ولما أذن الرسول – صلى الله عليه وسلم – في الهجرة الأولى لم تتخلف المرأة المسلمة عنها،
فكان منهن رقية بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسهلة بنت سهيل برغم معارضة أبيها لهجرتها .
ثم جاءت المرأة الأنصارية من المدينة معززة لأختها المكية فحضرت بيعة الرضوان التي هي بيعة الموت ،
وكانت في مقدمة المبايعات على الموت والجهاد البطلة المجاهدة نسـيـبـة بنت كعب وأم منيع .
وهاجرت المرأة المسلمة إلى المدينة ، وترك المهاجرات خلفهن آباءهن ، وأمهاتهن ، وأزواجهن، وأولادهن ؛
ومنهن أم كلثوم بنت عقلة بن أبي معيط التي كانت أول من هاجر إلى المدينة بعد هجرة الرسول – صلى الله عليه وسلم - .
إن المرأة لم تتخلف عن الإسلام في أي مرحلة من مراحله ، آمنت وبذلت ، وعذبت فصبرت ، وأوذيت فهاجرت ،
ودعا داعي الجهاد فلبت ونافست الرجال فسبقتهم . كان أول المؤمنين منها ، وأول الشهداء منها ، وأول من رد عمر بن الخطاب إلى الصواب منها،
ولم تتخلف حتى عن الخروج لمواجهة الطغاة والمتجبرين في صدر الإسلام،
من أمثال الحجاج بن يوسف الذي انهزم أمام جيش من الثوار قادته امرأة تدعى غزالة ،
وفيها يقول الشاعر مستهزئا بالحجاج :
[size=21]أسد علي وفي الحـروب نـعـامــة ... ربضاء تجفل من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الضحى ... بل كان قلـبـك في جناحي طـائــر
وما أن سمعت المرأة المسلمة نداء الجهاد حتى هبت كاللبؤة تذود عن دينها ونبيها وأشبالها وعرينها.
هذه نسيبة بنت كعب أم عمارة الأنصارية ، شهدت غزوة أحد وخيبر والحديـبية وفتح مكة وحرب الردة في اليمامة،
ويوم أحد كانت تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف،
وترمي بالرمح حتى خلصت إليها الجراحة ورئـي في عنقها جرح له غور أجوف؛
قال عمر:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( ما التفت يوم أحد يمينا ولا شمالا إلا وأراها تقاتل دوني )؛
وقتلت يومئذ فارسا من المشركين، ويوم اليمامة جرحت اثنتي عشرة جراحة، وقطعت يدها،
وقتل ولدها حبيب على يد مسيلمة الكذاب.
إن مشاركة المرأة في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم بالقتال والتحريض والحراسة والتمريض،
بلغت من الكثرة والتعدد والتنوع ما طفحت به كتب الحديث والسيرة.
فكوني أختي المسلمة نعم الحافظة للغيب، الموفية بعهد الله،
ولا تفوتنك مكرمة نال منها أخوك الرجل،
أو موقف كريم وقفه أخوك الرجل،
ولك في سيرة الأنصاريات والمهاجرات رضي الله عنهن قدوة وأسوة،
وفي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم معالم لا يضل من سلكها ولا يتيه من اتبعها