الدراسة في الجامعة الخاصة لنيل الشهادات العليا لم تعد الحل الوحيد بالنسبة للطالب سلام الذي لم يسمح له مجموعه في الشهادة الثانوية بتحقيق حلمه بدراسة طب الأسنان في الجامعة الحكومية، حيث مازال (سلام) بانتظار نتيجة قبوله بإحدى الجامعات الخاصة التي شهدت بعض الجدل حول وضعها العام الماضي.
لم يدر سلام حين تقدم لمفاضلة الجامعات الخاصة وسجل شرطياً في الجامعة السورية الدولية الخاصة أن انتظار أسماء المقبولين ستكون بداية الطريق لتمضية العام في المنزل عوضاً عن قاعات الدراسة الجامعية، حيث بدأ صبر سلام وزملائه في الدفعة المتقدمة للتسجيل باختصاصات منوعة ينفذ، وهم يشاهدون طلاب الجامعات الأخرى قد بدؤوا عامهم الدراسي وهم يعلمون أن فرص التحاقهم بجامعة أخرى معدومة تماماً لأن باب التسجيل قد أغلق منذ فترة.
لما فتحوا الباب؟
"لماذا فتحوا باب التسجيل إن كانت مشاكلهم لم تحل بعد؟" هكذا كان تساؤل سلام الذي فضل عدم الكشف عن اسمه صريحاً مع زملائه، حيث قال لسيريانيوز إنه "إن كانت الجامعة تعاني من مشاكل لماذا فتحت باب التسجيل للطلاب المستجدين؟، وما زلنا ننتظر ونسأل كل يوم متى ستصدر الأسماء، والجواب الوحيد الذي حصلنا عليه هو أن وزارة التعليم العالي من تعرقل الأمور ".
وزارة التعليم العالي بررت عدم إصدارها لقوائم المقبولين لعدم التزام الجامعة السورية الدولية بعدد الأساتذة المطلوبة للتدريس، في حين قال سلام إن"أخي يدرس في ذات الجامعة ولم يشتك يوماً من عدم توفر أساتذة لتدريسه، فلماذا ظهرت هذه المشكلة الآن؟".
بدوره، تقدم (علي) لدراسة الصيدلة في ذات الجامعة، ولم يجد مبرراً لتأخر صدور قوائم الأسماء المقبولة في الجامعة، وقال إنه "عندما قدمنا الأوراق المطلوبة للتسجيل لم تذكر الجامعة شيئاً عن وجود مشكلة مع الوزارة، كما أن وزارة التعليم العالي لم تحذف اسم الجامعة من المفاضلة وهذا ما دفعنا إلى اعتمادها".
وأضاف علي "ماذا نفعل في حال لم تصدر القوائم المنتظرة، حيث لم يعد بالإمكان الالتحاق بأي جامعة أخرى لأن التسجيل انتهى في كل الجامعات كما أن البعض بدأ بالدوام أيضاً".
سلام وعلي وغيرهم من الطلاب المستجدين بدؤوا يملون الانتظار وعدم منحهم ردوداً صريحة من جامعتهم أو وزارة التعليم العالي، وعلى الرغم من تسجيلهم شرطياً فقط دون دفع الأقساط للجامعة إلا أن خسارتهم لا تقدر بخسارة مادية، فمن الممكن أن يبقوا في منازلهم ويحرموا من عام دراسي كامل في حال لم تلتزم جامعتهم بالشروط المطلوبة منها.
تشدد حديث العهد...
ومن جهتها ردت الجامعة السورية الدولية الخاصة المشكلة إلى تشدد الوزارة بتطبيق القوانين هذا العام، وقال نائب رئيس الجامعة السورية الدولية للعلوم والتكنولوجيا لشؤون الطلاب محمد نصوح الخيمي إن "وزارة التعليم العالي لم تمنحنا الموافقة لتسجيل الطلاب المستجدين، نتيجة عدم تطبيق القواعد الخاصة بعدد الأساتذة".
وأضاف الخيمي إنه "رغم أن وضع الجامعة من حيث عدد الأساتذة لم يتغير، إلا أنه لم نواجه مشكلة مع الوزارة حول قواعد الاعتمادية للأساتذة من قبل"، مشيراً إلى أن "التشدد بالتطبيق حديث العهد".
الطلاب ليسوا ذنبنا..
وحول مصير الطلاب المتقدمين للتسجيل في الجامعة، قال نائب رئيس الجامعة إنه "لا يمكننا فعل شيء للطلاب المتقدمين، فنحن لم نأخذ أقساط من أي شخص وليس ذنبنا ما يحصل، إضافة إلى أننا اتبعنا التعليمات من حيث عدم تسجيل أي طالب إلا بناء على المفاضلة".
وكانت وزارة التعليم العالي طلبت من الجامعة السورية الدولية للعلوم والتكنولوجيا الخاصة إيقاف أي عملية تسجيل للطلاب تتم حالياً دون مفاضلة، و طلبت الوزارة أيضا إلغاء تسجيل جميع الطلاب الذين قدموا أوراقهم للجامعة وإعادة الرسوم التي سددوها معتبرةً أن التسجيل دون مفاضلة مخالف لقواعد الاعتماد والقوانين والأنظمة التي تحكم عملية التسجيل والقبول في الجامعات الخاصة.
وتابع الخيمي إنه "في حال لم تمنحنا وزارة التعليم العالي استثناء رسمي ينص على قبول عدد معين من الطلاب المستجدين، لا نستطيع قبولهم"، لافتاً إلى أنه "بالنسبة لهذا العام أعتقد أنه يستحيل تدارك الوضع، فقد بدأنا الدوام الجامعي منذ شهر".
الجامعة غير ملتزمة..
سيريانيوز تابعت تفاصيل القصة لدى وزارة التعليم العالي، واستطاعت الحصول على مبررات وحجج الوزارة من قبل أحد المصادر من ذوي الصلة بالموضوع، مفضلاً عدم الإفصاح عن اسمه، وقال لسيريانيوز إن "الجامعة السورية الدولية الخاصة غير ملتزمة بتوفير الكادر التدريسي اللازم" مضيفاً أن " وزارة التعليم العالي طالبت الجامعة منذ شهر شباط بتقديم ملفات الأساتذة لمنحها الموافقة بقبول الطلاب المستجدين، نظراً لعدم تغطية الكادر التدريسي القديم للطلاب القدامى".
وأضاف المصدر إن "قواعد اعتماد الطلاب حسب الأساتذة يحدد عدد الطلاب الذين يمكن للجامعة قبولهم، بحيث يوجد حد معين من الطلاب يسمح للأستاذ الجامعي بتدريسهم ولا يجوز تجاوزه وذلك حرصاً على مصلحة الطلاب "، مشيراً إلى أن "وضع الجامعة لا يبشر بالخير".
بعد عدة مهل آخر مهلة أسبوع واحد
وأوضح المصدر إنه "في حال لم تقدم الجامعة الملفات المطلوبة عن الأساتذة لنهاية الأسبوع القادم كحد أقصى، لن تحصل على الموافقة لاستقبال طلاب مستجدين، وسيطبق عليها المرسوم 36 الناظم لشؤون الجامعات، في حال لم تغط حاجتها بما يتناسب مع أعداد الطلاب القدامى أيضاَ".
ونص المرسوم التشريعي رقم 36 الخاص بإحداث الجامعات الخاصة والصادر عام 2001، أن يكون عدد أعضاء الهيئة التعليمية متناسباً مع أعداد الطلاب في المؤسسة (الجامعة الخاصة)، وألا يقل عدد المعينين أو المتعاقدين المتفرغين منهم عن نصف أعضاء الهيئة التعليمية الإجمالي.
كما أن مجلس التعليم العالي أقر العام الماضي لائحة الجزاءات المفروضة على الجامعات الخاصة المخالفة إلغاء الترخيص في حال خالفت المؤسسة الأهداف المرخصة من أجلها، حيث نصت اللائحة على أن تغرم الجامعة بسبب زيادة نسبة الطالب إلى الأستاذ أو المشرف أو الفني عن الحد المعتمد بمبلغ 100 ألف ليرة سورية غرامة على كل طالب زيادة مع إزالة المخالفة.
الجامعة تحاول الضغط على الوزارة
وحول وضع الطلاب المتقدمين للتسجيل في الجامعة المعنية، قال المصدر إن "الجامعة تلجأ إلى توجيه الطلاب بأن وضعهم بيد الوزارة، كأسلوب للضغط على الوزارة لمنحها الموافقة، بحيث تتردد تساؤلات مفادها هل ستترك وزارة التعليم العالي الطلاب دون جامعة؟، إلا أن القبول بما تقوم به الجامعة سيشجع على الفساد، خاصة أن أقساط الجامعة ليست بالقليلة وفي النهاية ما يهم الوزارة هو جودة المخرجات التي لن تتحصل إلا بتوفر الكادر المناسب".
وفي استفسار عن حال الطلاب المستجدين المسجلين شرطياً –دون دفع أقساط- قال المصدر إنه " ليس من الضروري أن يتم تسجيل كل الطلاب المتقدمين لجامعة معينة لأن التقدم يتم عن طريق مفاضلة و الجامعة قد لا تتمكن من استيعاب كل الطلاب المتقدمين وذلك حسب المقاعد والكادر التدريسي وعلى هذا سيكون الطلاب في وضع مشابه لما هو الآن في هذه الجامعة" مشيراً إلى أن "الجامعات الخاصة تعد قطاع خاص والذي يحكمه هو العرض و الطلب".
يذكر أن الجامعة السورية الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا أحدثت بموجب المرسوم التشريعي رقم 339 تاريخ 7-8-2005 , وتضم الجامعة ست كليات وهي (الطب , طب الأسنان , الصيدلة , هندسة الحاسوب والمعلوماتية , هندسة البترول , إدارة الأعمال).