تخيلوا أن الأسطورة الجديدة، ليونيل ميسي، هناك من يصفه، بأنه «بارد الإحساس»، وتخيلوا أن النجم المتوج على عرش القلوب في العالم كافة، لا يحظى بالرضا الكامل من بني وطنه في الأرجنتين، الذين يرون أن اللاعب “كتالوني”، أكثر منه أرجنتينياً، وأن رحيله عن بلده، وهو لايزال صبياً في الثالثة عشرة من عمره، هو الذي نال من عاطفته تجاه الوطن، ولذلك لا يحفظ النشيد الوطني لبلاده، وبناء عليه فإن كل ما يحققه مع البارسا، هو بالنسبة لهذه الجماهير، لا محل له من الإعراب، لأن ما يعنيهم أولاً وأخيراً، هو منتخب التانجو، ومن أجل ذلك هناك لاعبون أقل من ميسي شهرة وأداء أيضاً، هم من المفضلين لدى الجمهور الأرجنتيني، لأنه يشعر بهم ويتوحد معهم، ويراهم أكثر غيره على قميص بلدهم من ميسي، ومن هؤلاء هيجوين وتيفيز وغيرهما، على الرغم من أنه لا وجه للمقارنة بين الساحر القصير المكير وبين هذين، مع الاعتراف بقدراتهما، لكنها ليست «ميسية» إعجازية.
وإذا كنت لا أنكر على ميسي موهبته وإبداعاته، إلا أنني في نفس الوقت، لم أنكر على هذه الجماهير نظرتها، حتى وإن بدت متطرفة أحياناً، وقناعة هذه الجماهير تؤكد أن الحكم على اللاعب يجب أن يرتبط بما يقدمه مع المنتخب بغض النظر عن كل فتوحاته وصولاته وجولاته الكروية مع البارسا.
وعن نفسي أيضاً، أنكر على ميسي ألا يكون حافظاً للنشيد الوطني لبلاده، وأراه لوناً من ألوان عدم الولاء الكامل، وإذا كان قد شارك في مناسبات عديدة مع التانجو في وقت تغنى فيها اللاعبون بنشيد بلادهم، فهذا يعني أنه لم يكترث لكونه لا يحفظ النشيد، وإذا ما صح ذلك، فإن اللاعب الذي يؤكد مراراً وتكراراً أنه لا يحب المال ولا يلعب من أجله، وإنما من أجل الكرة، قد سحرته «المستديرة»، للدرجة التي فصلته عن كل شيء، حتى النشيد.
بالطبع، قد تكون مثل هذه التقارير، مبالغاً فيها، ولكن من المؤكد أن هناك أزمة بين ميسي وبني وطنه، وأنه لهذا السبب لن يطاول النجم الصاعد شهرة وقامة مارادونا، فرغم كل أخطاء الأخير يبقى أقرب إلى بني بلده، فقط لأنه كان وسط منتخب بلاده، أشبه بالقمر وسط النجوم، ولأنه حقق مع الأرجنتين، ما لم يحققه ميسي حتى الآن.
هذه التهمة التي تطارد ميسي، كانت سبباً في تفرغ والده وأفراد عائلته كافة للدفاع عنه، والتأكيد على ولائه، ولكن تبقى ساحة الدفاع الحقيقية، متاحة أمامه في كأس العالم، وعندها بإمكانه بهدف أو تأهل أو لقب أن يؤلف تلك القلوب.
كلمة أخيرة:
أزمة ميسي مع جماهير بلاده درس بأن المنتخب “قبل وبعد” .. “ويا ليتهم يعرفون”!.